رسالة من أطفال أزواد إلى رحماء العالم الإسلامي

 الإتحاد الوطني الأزوادي
ثورة التّغيير والبناء والتّطوير
رسالة من أطفال أزواد إلى رحماء العالم الإسلامي
*** *** ***
قصة السّارح الصّغير
كانت ليلةً شاتية قصيرة على أطفال أزواد طويلة على أطفال أثرياء 
جنوب الجنوب..وشرق الشّرق..وغرب الغرب..!
هجع الطّفل عبد الله ذو السّبعة أعوام هجعةً قصيرة قليلة الأحلام 
كثيرة الكوابيس..إذ لم تهدأ في جوفه لقيمات عشائه حتّى ارتفع 
رغاءُ نعاجه في ليلةٍ غدُها للواردين وليلها للسّارحين..
نهضَ عبد الله الصّغير بعد أن عسْعسَ الليلُ وأرخى سُدوله 
والتَحَفَ بردعتَه(تبارْدِي)وتأبّط عصَاه جاريًا خلف الشّاردات..
(ألا أيّها الليل الطّويل ألا انجلي)..(أرّرررى-أرّرررى)..
يردِّدُ نشيدَه السّارحُ الصّغير البطلُ تسلية لنفسه أو لنعاجه ربّما في 
هُدوءٍ تتخلله همْهماتٌ تحذيريةٌ ونباحُ رفيقه الجرْو لإبعاد المتطفلين 
وإشعار السّارحين بوجود رفيقهم في الجوار...

 التحقَ الواردون بالسّارح الصّغير بعد فترة ليسبقوه إلى البئر..
اقتربَ عمُّه قليلاً من السّارحِ الصّغير..ممّ تخاف يا عبد الله؟.
انتفضَ عبدُ الله متنكّرًا في زيّ البدويّ الصّحراويّ الشُّجاع..
عمّاه أنا لا أخاف شيئا..!
لم ترتجف إذا؟
أرتجف من البرد..
قطع هذا الحوارَ الشيّقَ صوتٌ قادمٌ من بعيد ينادي...يا عبد الله..
نعم أبي..لبيك..
نحن سنسبقك إلى البئر..واصل سيرك بهدوء..ولكن كن أول 
الواردين..(آنُو أوظار)..(البئر مزدحمة بالواردين)...

سار الواردون يتجاذبون أطراف الحديث..تاركين عبد الله مع 
غنيماته..يقطع فيافي الصّحراء النائية عن الماء(تامسْرَقَايْت)..
لم تنزلون مكانا بعيدا عن الماء أيّها البدو..يسأل ابن الحضارة الذي 
كان رسولا من أبناء الحضارة إلى أهل البادية..؟؟
هذا ليس خيارا اخترناه لأنفسِنا..فالأحياءُ البدويّة يجب أن تكون 
قريبة من الكلأ في مثل هذا الوقت من العام..وماؤنا هذا العام كان 
بعيدا عن الكلأ..والحقيقة أنه بعيد في كلّ عام..!
لم لا تحفرون آبارا أخرى تكون قريبة من المراعي الخصبة؟
يا لك من حضري جاهل..!وهل تظنّ أن حفر البئر في هذه 
الصحراء أمر سهل.؟البئر لا يستطيع حفرها إلا الحكومة..!
أين حكومتكم إذا..؟
ومن قال لك إننا لدينا حكومة..؟الحكومة تكتفي بإعطاءِ التّسريح 
لمن دفع للشّركات الخاصة قيمة البئر..ونحن فقراء لا نستطيع 
إطعام أسرنا فضلا عن إقامة مشاريع ضخمة كهذه..!
اقتربنا كثيرا من البئر حتّى اختلطت أصواتنا بأصواة السُّقاة التي 
لا تكاد تميز منهاإلا(ظِيكْ-ظِيكْ-هيوتْ آواغتِين فلّي إيمهيْتل -
شِينَشْ-شِينَشْ-أيَّوْ أيَّوْ-هُورْجا-هُورْجا-أيّتَدْ-أيتَدْ..)!! 


اختار أبو عبد الله جملا من جماله وربط بطرف الشّطَن(الحبل) 
صدرَه وربط على الطّرف الآخر دلوه ورماه في البئر...
بسم الله..الله أكبر..آليا أنَّضْ..دارت بكرة أبي عبد الله فلا تسمع 
إلا(ظِيكْ-ظِيكْ)..إلى أن رأى أبو عبد الله دلوه قادما من بعيد..
تشبث أبو عبد الله بدلوه صارخا لرفيق الجمل..(أيَّوْ أيَّوْ)..
أفرغ أبو عبد الله دلوه في(إيفيَدْ)وأشار لرفيق الجمل أن دعه 
يشرب..وكانت جائزة الجمل المربوط أنه يشرب أولا..
ارتوى الجمل بينما تأكّد أبو عبد الله من ملأ دلوه قائلا لرفيق 
الجمل(هُورْجَا)..رفع أبو عبد الله بصره إلى الناحية الغربية..
أيْن عبد الله...(أيتَانَغَدْ دَغْ تاغسِيوِين)..سمع عبد الله هذه الإشارة 
فسمح لمجموعة من أنعامه بمغادرة القطيع مسرعة إلى البئر..
شَربتْ هذه المجموعة من القطيع وتلتها مجوعة أخرى..وأخرى..
حتى شرب القطيع كلّه..وساقه عبد الله إلى أقرب الظلال إليه..
وعاد إلى البئر ليملأ ركْوته الصّغيرة التي بالكاد يستطيع حمْلَها..
ملأ عبد الله مزادته وشرب وبلّل رأسه بالماء..وارتاح قليلا..
لم تدم راحةُ عبد الله طويلا..ملأ الصّادرون أوعيتَهم..(قِربَهم) 
وتنادوا لربطها على ظهور المطايا(الحمير-الجمال)وصدروا..
حمل عبد الله ركوته مسندا رقبته على عصاه كئيبا جائعا مُّتعبًا..
اقترب العمّ الحضريّ من السّارح الصّغير عبد الله..ليختبر صبره 
مرة أخرى..هل أنت ضجر من هذه الحياة يا عبد الله..؟
بلى..إنني ضجر وسأبحث عن مهرب من هذه الحياة قريبا إن شاء 
الله..إنها حياة بائسة..خذني معك يا عمّاه..!
نظر العم إلى الصّغير البائس..واغرورقت عيناه باالدّموع حزنا 
وألما ورحمة وشفقة..
وقال لابن أخيه:وماذا تريد اليوم يا عبد الله..
فقال عبد الله: أريد أن أعيش طفولتي بسلام.! 
كان ردّا حكيما من عبد الله الصّغير..وكان حُلما زهريَّ اللون..
إلا أنّ الكارثة الكبرى هي أن أطفال أزواد..حُرموا حتى من عيش 
طفولتهم..لأن أنانيي عالمهم لا يعيرون أبناءَهم الأزواديّين أيّ 
اهتمام..وكأنّ أطفال أزواد لا ينتمُون إلى هذا العالم أبدًا.!
فليحفظكم الله يا أبناء أزواد..نسأل الله التُّقى والعفافَ والغِنى..
اللهم آمين يا رب..اللهم آمين يا رب..اللهم آمين يا رب..

مع جزيل الشكر / الهيئة الثقافية
14 / 11 / 1433 هـ
30 / 9 / 2012 م

ليست هناك تعليقات: